الغربة إن شاء الله تعقري ..!

بقلم : نشأت الامام

 

وكدأب معظم نوارسنا ، وتوقها الى الانعتاق والترحال بعيداً عن القيود المكبلة داخل الوطن ، ليصبح الاستاذ الموسيقار علي السقيد حبيساً لمنفاه الاختياري بواشنطن مذ اكثر من عشر سنوات.

يقال إن الانفصال عن الأرض - الوطن ، ينتج الشعور بالغربة ، لكن الشعور بالغربة وحده لا ينتج الشعور بالاغتراب ، إلا إذا امتزجت هذه الغربة بعناصر غربة الانسان الوجودية والجغرافية والمعرفية ، فتصبح الغربة الجغرافية ، اغتراباً أيدولوجياً شاملاً ، اوسع من المعنى الوطني الجغرافي.

ولكن ظل نأي الموسيقار المكاني مقتصراً على البعد والغياب عن الامكنة فقط ، وظل وجدانه ملتصقاً التصاقاً وثيقاً بوطنه وبأرضه.

فأستاذنا علي السقيد - رد الله غربته - لم تنقطع عنه اخبار السودان ، وظل حريصاً على متابعة كل مستجدات الساحة الفنية ، وكانت اتصالاته لا تنقطع عن اهله واصدقائه وبعض من معجبيه.

على السقيد ذلك الهرم الموسيقي الشامخ ، قدم من أرض الابداع والفن والرياضة ، أرض الريادة مدينة ود مدني ، فأبدع فيها أيما إبداع ، وكان اعتماده على الموهبة الفطرية فقط ، ومن ثم جاء الى الخرطوم والتحق بالمعهد العالي للموسيقي والمسرح ، وتخصص في الموسيقي ، وكان ماهراً جداً في العزف على آلة العود وحينما يعزف عليه تحسبه ناسكاً متبتلاً يتلو صلواته في محراب مهيب.

وفي اواسط التسعينات غادرنا الاستاذ علي السقيد متوجهاً إلى الولايات المتحدة الأمريكية ، في هجرة تجاوزت الآن السنوات العشر ، ولكنه لم يركن الى ما اكتسبه ، بل زاد على ذلك بالدراسة والبحث ، فاستقى من التطور الهائل في التقنيات الحديثة في المجال الموسيقي ، وتقنيات الصوت ، والمونتاج والمكساج.

واصبحت الموسيقى عند السقيد روحاً يتمازج فيها ومعها مكوناً صوراً مدهشة ، مستعيناً على تحقيق ذلك بالمزج بين العقلاني والفانتازي والموضوعي والذاتي ، والملموس والتجريدي.

فأبدع ألحاناً لكلمات عدد من الشعراء امثال مدني النخلي وسعد الدين ابراهيم وعماد الدين ابراهيم ومحمد ود الرضي ، فخرجت اعماله والروعة تكسوها سندساً واستبرقاً.

الألبوم الاخير للاستاذ الموسيقار علي السقيد جاء يحمل وليداً شرعياً لزخم متواتر من الابداع والتحليق في عوالم من الدهشة صبغها السقيد بلونيته المميزة المدهشة:

كلامك لي بشارة العيد ..

ولمات الحسان الغيد ..

جمال السندس المارق

من احساسك ..

صفا النية

دفق في روحي حنية

وجدد كل ما أمكن

من الغنية الحماسية ..

أعزائي القراء ..

هذه دعوة لكم للاستماع والاستمتاع بهذا العمل الراقي ، وحينها حتماً ستدعون الله معي ، ان يرد غربة فناننا الموسيقار المبدع علي السقيد ليشدو بيننا بهذا الفيض الابداعي الجميل ..

ولعلي السقيد نقول: ها هي «ارض الطيبين» تدعوك لكي «تخُت» صوتك الأخضر فيها ، ولكي «تزغرد» بك و«تبشّر» بَنُّوت «الحلة العامرة» عديلة وزين.
 

نشأت الامام

 

راسل الكاتب