ليلة السبت

بقلم : نشأت الامام

 

ليلتا الجمعة والسبت الماضيتان, كانتا من أجمل ليالي الخرطوم, وأكثرها دفئاً حميماً في زمهرير يناير ولياليه القارسة.
فقد كانت ليلة الجمعة هي ليلة الابداع والتواصل الرائع بين محبي مصطفى سيد أحمد وبين شعرائه, فقد ضم نادي الخرطوم جنوب بين جنباته عقدا نضيدا من الشعراء, أزهري محمد علي, محمد الحسن سالم حميد, طلال دفع الله والشاعر الفذ القدال..
كلهم جاؤا ليشكلوا احتفاءاً وضيئاً بالذكرى الثامنة على رحيل النورس الذي غادرنا خلسة مصطفى سيد أحمد.
أما ليلة السبت, فقد امتلاءت جنبات وأسوار اتحاد الفنانين على سعتها بأصحاب مصطفى, لحضور ليلة لم تشهد الخرطوم لها مثيلاً في الآونة الأخيرة.
وجاء العملاق وردي وجاء أبو اللمين وعبد القادر سالم وزيدان ومجذوب أونسه والرائعة آمال النور.. وغيرهم في تآلف محبب ووقفوا بين الجموع مرددين مع الجموع العاشقة مقاطع من أغنيات الراحل.. وعندما غنى الفنان الانسان, سيف الجامعة:
واقف براك والهم عصف..
ريحاً كسح زهرة صباك
ليلاً فتح شرفة وجع..
قمراً رحل فارق سماك
لم يتمالك الكثيرون دموعهم فأطلقوها حباً وشوقاً وتحناناً لمصطفى, وهم يحسون بأن رحيله كان شرفات ومسالك ودروب للوجع في نفوسهم.
أبدعت كثيراً جمعية أصدقاء مصطفى وهي تجعل ذكرى مصطفى ديدناً للاحتفاء به, وأبدعت وهي تخرج هذه الاحتفالات بالذكرى الثامنة لرحيله والتي جاءت تحت شعار:
نحن سجلنا التآلف
في انفعالات الأجنة
وحقاً انه تآلف ما بعده تآلف.. فقد تشارك الناس الـ
عيشا دين..
مجروره وتجر
مع أولئك الـ
حالا زين..
وهكذا مصطفى دوماً يجمع الناس في كنفه ويموسق احاسيسهم في بوتقة واحدة.
ونحمد كثيراً لاتحاد الفنانين أن جعل من داره العامرة ساحة لهذه التظاهرة الكبيرة, ولست أدري لماذا لم يكن ذلك منذ العام الأول لرحيله, ولكن... كلكم خطاؤون وخير الخطائين التوابون.
فمصطفى كان حزباً وطنياً, وكان سفيراً نصبته آمال الشباب وأحلام العذارى, وكان فناناً لا يحيد عن مبادئه وقيمه.. فهو مفخرة للفنانين, فالأولى بهم أن يكونوا هم أصحاب المبادرة الأولى في مثل هذه المناسبات.
وليس مصطفى فحسب, بل أن كل فنان راحل قدم للفن وللوطن عصارة جهده وصوته, له دين على رقبة اتحاد الفنانين, ويجب الالتفات لهذه الجوانب, حتى لا يصبح اتحاد الفنانين عبارة عن مكتب لتحصيل رسوم –العدادات-.
مصطفى لك الرحمة بقدر ما أعطيت هذا الوطن من عشق, ما برح يتردد شدوه بين أضلعنا.

نشأت الامام

 

راسل الكاتب