|
الشعب السوداني بكل مشاربه و طوائفه و أحزابه و ألوانه بكى
د. عمر نور الدائم ، الإنسان و السياسي الوطني الغيور على تراب بلده ،
واقتطف هنا القليل من الكثير جدا الذي كتب في وداع شيخ العرب من الشبكة
العنكبوتية .
* عفوا أيها الموت ماذا أبقيت لنا ؟؟
·
كان رائعا و مختلفا و صادقا في كل شيء حتى في موته
· كان
خريفا هطولا لا يسأل أي الناس وأي الأراضي يسقي
· كان
القدر يقول لقد آن لهذا الفارس أن يترجل عن صهوة جواده ويلقي بأسلحته بعيدا
· كان
مدرسة في فن الخلاق السياسي و أدبه ، كان سمحا إذا التقاك وإذا تحدث إليك ،
و سمحا إذا استمع منك …
كان شجاعا صريحا في رأيه
·
قضية الحرية الديمقراطية بالنسبة له قضية حياتيه يوميه يعيش
فيها ، عليها يصدم و فيها يسالم و عليها يراضي و بها يعادي إلى أن ذهب
منافحا و مكافحا من أجلها
- تعذر علينا أن نتعايش مع حقيقة الموت رغم إيماننا بالغيب
و تلاوتنا لكتاب الله
-
ودعنا إلى رحاب الله عمر الذي كان حاديا لا يفتر لمطالب
الهوة العالية ، كان بلسما شافيا في الملمات بالفال الحسن و الأمل الفسيح
تجسيدا للوعد الرحماني …
كان ملما بثقافة العصر إلماما عميقا لم يجرفه عن أصالته
…
مسلما عربيا بدويا ريفيا متسامحا مع ثقافات الآخرين
…
ابنا للكبير و أبا للصغير وأخا للند ، كان نورا دائما يهب الضياء و لا يغيب
.
* لن أكتب عنه لأن بنى وطني يعرفون نضاله
…
فهو من القلائل الذين يسكنون بيوتا في التاريخ لا تعرف التصدع بفعل الزمن
-
إن
كنت يتيما يساعدك في أن تستعيد والديك في شخصه
-
وإن كنت حزينا فيكفي أن تسمع منه حكمة حتى يذهب حزنك
-
وإن
كنت محتاجا يدخل يده في جيبه ( ويمسكك ) بالأخرى قائلا خلف ابتسامه
تضيء وجهه ( أنت و حظك )
-
يكفيه من هذه الدنيا و بروجها المشيدة ( عنقريب هباب )
( وتبروقة سعف ) تحت ظل شجرة في أي شبر من قريته ( نعيمه ) تلك القرية
المحظوظة بإنجابه
-
إنه رجل فريد في كل شيء
–
كريم في فقر –
حليم في غضب ، صبور في كر
…
لا يهتز .
-
لن
يفتقده حزب الأمة فقط…
لن يفتقده الإمام الصادق المهدي فقط
…
لن تفتقده زوجه فاطمة التي أخذت من صفاته ما قد شكل سماحتها و طيبة
قلبها الذهبي الأصيل و لن يفتقدنه بناته نون و صفية الصادقات في حب
أبيهن المسافر عبر السنين
…
يطوي المسافات بعدا عنهما لتقترب الديمقراطية و الاستقرار و السلام لكل
بني الوطن ، لن يفقده أبناؤه .. محمد و مهدي و عابدين فقط
…
لن يفتقده أهالي نعيمه و النيل الأبيض و الأزرق و ملتقاهما فقط لن
يفتقده كل الأنصار فقط …
بل سيفتقده كل شبر في أرض المليون ميل مربع بأهله و انسانه المناضل من
أجل الحرية و الديمقراطية و السلام المرتقب .
* لقد كان عمر شعاعا من المهدية
·
برحيل الدكتور عمر نور الدائم ستفتقد الحياة السياسية و
الحزبية كثيرا من القها و رونقها
…
فلنهتد بخطاه و سيرته وفاءا له حيث كان مثالا للنقاء و الطهر و العمل
السياسي العفيف …
كان من أعف الوزراء السياسيين و أخلصهم على الإطلاق
·
اللهم ارحم عمر و اجعل البركة في أهله وولده
…
لقد جاءك عمر متواصا و متواصلا مع أهله شهيدا في غرة رمضان
-
كان عليه أن يموت في الشارع العام لكي لا تبتر سيرته عن
جدلها الخاص !!
-
و كان عليه أن يزف لنا الحرية و الديمقراطية و لا يحضر يوم
زفافها !!
* عمر نور الدائم أكبر من الأحزاب و الانقلابات
…
و أعمق من الجدل الدائر …
اسم بحجم الوطن و الجماهير …
كان عليه أن يستأذن و ينصرف لأن لا مكان لمكانه
…
و كتب عليه أيضا أن لا يموت في مستشفى أو سرير لأنه مشروع شهادة و قائد
مجاهدين…
لقد اخترقنا الموت هذه المرة اختراقا مدويا إلى الحد الذي نحتاج فيه الآن
إلى شجاعة دكتور عمر و حكمة مولانا عبد الله اسحق ( كانا توأمين في الصمود
أمام المحن و في الجهاد و الاجتهاد وكانا توأمين في حرصهما على جبر الخواطر
، و كانا مثلين فريدين يصعب أن يتكررا ) كنا نحتاجهم لمواجهة هذا المشهد
الجامح بالحزن و الألم و الغضب و الكبرياء
…
و الذي لو هبط على خارطة الوطن لمزقها طارحا سؤالا تاريخيا ، هل الحرية
الديمقراطية تستحق كل هذه التضحيات ؟!
* مات عمر ( النور الدايم ) على طريق جبل أولياء و أقيم
المآتم في كل أنحاء العالم
·
أفقت على حقائق ترسبت بعد رحيله تبعتها أسئلة كثيرو من سيحل
مكان عمر ؟
هل بمقدور نائب هذا الفاعل المحافظة على علامة الضمة
؟
هل سيجيد اللغتين الرسمية و الشعبية ؟
هل سيظل بيته مفتوحا للغاشي و الماشي ؟
هل يملك نائب هذا الفاعل قدرة الامتصاص و التذويب و
التنغيم ؟
هل يزهو بالبساطة و الفقر مثلما يفعل عمر ؟
* يا شيخ المرؤات الكبرى ، و الركن العنيد ، يا عفيف اليد و
اللسان و يا سيد الأوفياء كلهم جميعا
…
ما بالك تمضي مسرعا هكذا ؟
وقد كنت ( مدرج العاطلة أم كراعا دم ) كما تقول حكامات
البوادي التي أنجبتك ، فما عهدناك عجولا يا واسع الصدر و العقل و الوجدان ،
كيف عز عليك أن تودع أخوة لك و أبناء حملوك دوما في حدقات عيونهم ، ووصفوك
دوما بين أخابير الأفئدة و الحنايا
هل عزت عليك كلمة وداع أخيرة تودعنا بها يا شيخنا ، و
فارسنا ، ودارسنا و حارسنا ، فتمضي هكذا مسرعا ، عزاءنا الأكبر فيك هو أن
السودان كله اليوم مأتم كبير
* اللهم ارحم الحبيب عمر نور الدائم و مولانا الشيخ عبد
الله اسحق ( هذا الرجل الذي يفيض تقوى بحفظه لكتاب الله
…وقارئا
و حافظا لراتب الإمام المهدي ) رحمة وسعها السموات و الأرض
…
واعفو عنهما و اغفر لهما و ادخلهما الجنة مع الصديقين و الشهداء و ألهمنا
وأسرتيهما و أحبابهما الصبر الجميل و إنا لله و إنا إليه راجعون
|