المرحومة مدرسة مدني الأهلية (أ)

بقلم / عمر حسن غلام الله 

 

بعد غيبة 29 عاماً من مدرستي الوسطى/ الثانوي العام، زرتها في العام 2002م فوجدت المدرسة الأهلية الوسطى (أ) خالية مقفرة، لا تلميذ فيها ولا أستاذ، ولا فراش فيها ولا ناظر، ولا كتاب فيها ولا سجلات، كانت خراباً يباباً.. حزنت أيما حزن، لقد كنت في هذا الفصل؛ أولى غرب، لكن أين مقعدي؟ لا توجد مقاعد، لقد كان آخر عهدي بالدراسة المتوسطة (الثانوي العام عندما تم تغيير السلم التعليمي أوائل السبعينات) في هذا الفصل؛ ثالثة غرب، لكن لم استطع التعرف على مكان درجي، لأن الفصل أضحى مستودعاً لا تستطيع دخوله، والحديقة التي كنا نجلس في نجيلتها في الفسح، اعشوشبت نجيلتها، وجفت شجيرتها، ولم تعد هناك زهور بيضاء وبنفسجية، ولوحة المدرسة الحديدية التي بها اسم المدرسة عصفت بها رياح عاتية- على ما أظن، وظني مبعثه شكل اعوجاجها وتثنيها وشبه سقوطها من فوق الجدار- وما أهمية اللوحة؟ فما عاد المكتوب فيها ينطبق على المبنى.

الحسنة الوحيدة في هذه اللحظات العصيبة التي عشتها، هو أن باب المدرسة كانت مفتوحاً، لذا استطعت الدخول إلى المدرسة، والى الفصول، وكان هناك حارس، لكنه لم يكن من (ريحة الحبايب) كما يقول أهلنا المصريون، فقد انفض سامر الأحبة على ما يبدو، من معلمين وفراشين وخفراء، وبالضرورة التلاميذ، وحتى الدكان في الناصية الذي كنا نشتري منه ساندويتشات الفول والليمون البارد المعبأ في زجاجات الببسي كولا، حتى هذا الدكان تحول إلى دكان حداده، وباختصار ما عاد الزمان هو الزمان، وهيهات هيهات أن يرجع الزمن القهقرى، ولكن على الأقل (قفا نبكي من ذكرى حبيب ومنزل بسقط اللوى بين الدخول فحومل)، وعلى الأقل نقف على الدمن ونبكي على الأطلال، أطلال الأهلية (أ) بحي الهواره بمدني، الأهلية (أ) التي تأسست عام 1937م رمزاً للوطنية، وكيداً في مدرسة الإنجليز (الأميرية)، تلك المدرسة العريقة التي تخرج فيها ومنها أفذاذ مدينة ود مدني، بل أفذاذ السودان، فهي المدرسة الثانية في الإقليم الأوسط- وليس مدني فحسب- ومدني هي المدينة الثانية في السودان بعد العاصمة المثلثة، لذا فأهمية هذه المدرسة لا تخفى على أحد، وتاريخها ضارب في عمق مدني، ومن تابع حلقات برنامج "أسماء في حياتنا" والتي كانت مع مربي الأجيال الأستاذ مصطفى أبو شرف لأدرك ما أعني، فكيف بالله مثل هكذا مدرسة تجفف وتصبح مبانٍ خاوية وآيلة للسقوط، وتصبح- وهذا هو الأخطر- بلا تلاميذ، أي لا مدرسة، أي لا (أهلية أ)!! وتنمحي من الوجود أعرق مدرسة في مدني، وأقدم مدرسة وطنية..

في البلاد التي تحترم تاريخها وتعتمد عليه في سمعتها وسمعة منشآتها ومدارسها وجامعاتها ومعاهدها، يتم المحافظة على القديم الضارب جذوره في التاريخ، فلكما قدم كلما تعتق وازدادت قيمته، فها هي جامعات مثل هارفارد والسوربون وكمبردج تعيش على سمعتها المستمدة من عراقتها، ونحن في السودان نجتث القديم من جذوره ونلقي به في سلة المهملات، في الدول المتقدمة لو قطعت شجرة من حديقة بيتك لقدموك لمحاكمة، لأنك بذلك تكون شوهت صورة المدينة، ولأنك قد اجتثثت شجرة عريقة ما كان يجب التفريط فيها، حتى الشجر عندهم له قيمة تاريخية.

وبمناسبة الحديث عن المدارس وتغيير الأسماء، فقد مررت أيضاً بقرب مدرستي الابتدائية "مدرسة السكة حديد غرب" فلم أجد الاسم، ووجدت اسماً آخر (نسيته أو بالأصح لم احفظه لأن المدرسة في نظري هي مدرسة السكة حديد غرب، سواء غيروا اسمها أم لم يغيروه، فلن يستطيعوا أن يغيروا التاريخ)، وحتى مع هذا الاسم الآخر لم يكتبوا تاريخ إنشاء المدرسة، ربما لأن الاسم الجديد عمره عامان أو ثلاثة، فلا يمكن أن يكون الاسم حديثاً والمدرسة يعود إلى بناؤها إلى أربعينات القرن الماضي، فحتى هذه خضعت للتزوير، لأن عدم كتابة تاريخ إنشاء المدرسة يعني تزويراً في تاريخها الحقيقي، لماذا أيها السادة تزورون التاريخ؟ إذا أعجبكم اسم وأردتم إطلاقه على مدرسة، فأسسوا مدرسة وأطلقوا عليها الاسم الذي تحبون، لكن اتركوا المدارسة القديمة بأسمائها القديمة، فهذا تراث البلد، وقد أسسها غيركم، وسماها غيركم، فأسسوا غيرها وسموها ما شئتم.

أعود للأهلية (أ)، وأجد شيئاً واحداً مضيئاً في تلك اللحظة التي دخلت فيها للمدرسة، فقد وجدت في فنائها الشرقي صرحاً في شكل (لوح خلوه) مكتوباً عليه: "اليوبيل الذهبي للمدرسة الأهلية 1940 – 1990 هذا الصرح أقيم تخليداً لذكرى الذين أسسوا وعملوا بهذه المدرسة" وقد أدرجوا قائمة بأسماء لجنة المدرسة، ثم قائمة بالمعلمين "وسطى/ أولية". لقد بقي هذا الصرح يشير إلى أنه كان هنا مدرسة عريقة، عمل بها فطاحل القوم، خيرة شباب ورجال ذلك الزمن البعيد، وسأرفق صورة هذا الصرح مع هذا المقال.

في بداية نشأة المدرسة الأهلية كانت مدرسة واحدة، ثم جعلوا قسماً منها (القسم الغربي) داخلية للتلاميذ، ثم فيما بعد، جعلوا الداخلية مدرسة أخرى سموها الأهلية (ب). هذا الأخيرة الآن تسمى "مجلس التعليم البريطاني"، أي ضاعت أيضاً المدرسة الأهلية (ب) صنو المدرسة الأهلية (أ).

في العام 2004م وفي شهر أغسطس حملت آلة التصوير وذهبت لمدرستي الحبيبة- أو ما تبقى منها- فوجدت لوحتها المعوجة شبه المخلوعة، قد خلعت تماماً ووضع مكانها لوحة جديدة أنيقة فيها اسم مختلف هو: "مركز التدريب الإليكتروني" أو شئ من هذا القبيل، فتجاوزتها دون أن التقط لها صورة (لأنها لا تهمني في شئ)، وكما أسلفت أعلاه؛ فإن اللوحة التي أتكلم عنها موضوعة فوق الباب الخارجي للمدرسة- أعلى السور- ونظرت إلى أعلى القوس الذي يربط بين الفصول، والذي تحته يبدأ الممر الذي يشق المدرسة نصفين وينتهي عند الباب الشمالي ماراً بالحدائق، وبمكاتب المدير والوكيل، نظرت أعلى القوس فوجدت اللوحة الاسمنتية مازالت باقية، وما زالت الكتابة التي عليها- رغم عوامل التعرية وغوائل الزمن وإهمال الإنسان وزوال الطلاء المكتوب بها- ما زال منحوتاً عليها: "مدرسة مدني الأهلية الثانوية العامة (أ) بنين- تأسست عام 1937" فالتقطت صورة للوحة،

ودلفت عبر الممر بين الفصول إلى أن وصلت للحديقة، فلاحظت أنها مهذبة مشذبة، وعرجت يميناً إلى صرح اليوبيل الذهبي، فالتقطت له صورة، ثم صورة أخرى لفصول "غرب" الحبيبة إلى نفسي،

ثم واصلت في الممر إلى جهة مكتب المدير والوكيل، وكان يجلس بضعة نفر، فألقيت عليهم السلام، وطلبوا مني الجلوس فاعتذرت بأنني على عجلة من أمري- ويبدو أنهم من الفراسة بمكان حيث فطنوا لما أنا فيه من حسرة وألم، ولما التقطته من صور- فأصروا علي أن أجلس ولو لدقيقة، فجلست، فأكرموا مثواي، وعرفوني بأنفسهم، أولهم الأستاذ أبو بكر الصديق الطيب دفع الله- مدير مركز التعليم الإليكتروني والتدريب التكاملي،

وثانيهم الأستاذ مجدي علوب- نائب مدير المركز، والمهندس سعيد جابر- مهندس حاسوب.

ألقيت ما بنفسي من حسرة على ضياع المدرسة الأهلية مباشرة أمامهم، ولم يثنيني عن ثورتي العارمة ما وجدته من صيانة لبعض أجزاء المدرسة (كامل الصف الشمالي الذي كان فيه بعض فصول غرب ومكتب المدير في القسم الغربي، وبعض فصول شرق ومكتب الوكيل في القسم الشرقي)، وأصروا عليّ أن أدخل إلى تلك الفصول التي انتهت فيها عملية الصيانة والتجديد، فوجدتها معامل للحاسوب، بكل فصل صفين من أجهزة الحاسوب الحديثة والجديدة، وفي فصول شرق التي بالجهة الشرقية تم دمج فصلين وبرنداتهما لعمل قاعة مؤتمرات، وقد زودت القاعة الجديدة بطاولات اجتماعات وكراسي فخمة، وميكروفونات وشاشة عرض متحركة، وجهاز حاسوب، وحديقة صناعية في وسط القاعة..

ودخلت إلى مكتب المدير فوجدته قد تم تجديده وصيانته وتأثيثه بأثاث حديث وجديد، وكذلك مكتب الوكيل، أما الجهة الشمالية للمدرسة، فقد تم زراعة حديقة جميلة ومنسقة مع مجسم يمثل السودان والولاية ومدينة ود مدني والمحلية، وكتابة على الأرض بالزراعة، وقد تم فتح بوابة أخرى في هذا الجزء على الجدار الشرقي.

وقد تم تنظيف المعمل وترميم كنباته وأدراجه ومقاعده، ولكنه ما زالت تفوح منه رائحة الخفاش الذي عشعش فيه طويلاً- ربما سنوات او عقود من الزمن- وقد ظهر مسرح في الصورة خلف المعمل- لم يكن في عهدنا موجوداً- أيضاً تم ترميمه وإعادة رونقه..

بدأ حنقي يخف، وحزني على الأهلية (أ) يتجمد إلى حين، وأنا أناقش هؤلاء السادة الذين سردوا لي تطورات الأحداث للأهلية (أ)، وفي أثناء هذا الحوار دخل عديد من الناس عرفوني بهم بأنهم مندوبين من الأقاليم ومن مدني جاءوا لاستلام أجهزة حواسيب لمدارسهم، بعض هؤلاء رجال وبعضهم نساء، بعضهم مدراء إدارات تعليم وبعضهم مدراء مدارس، وكانوا يُشهِدونهم على ما جاءوا لأجله، لأشهد به لهم في مقالي، وكأنهم بعتذرون عن احتلال المدرسة الأهلية، وقد لخصت اللقاء معهم في هذه الأسطر التالية:

عندما تغير السلم التعليمي تم دمج المرحلة المتوسطة بالمرحلة الابتدائية، وسميت المرحلة الجديدة بمرحلة الأساس في عام 1994م، وهناك مدارس متوسطة كبيرة كالأهلية (أ) والأميرية والمؤتمر بنات تم إلحاقها بالمرحلة الثانوية مع الاحتفاظ باسمها، وتم القبول للمدرسة الأهلية (أ) في العام الدراسي 93/1994م، ثم بدأت تتناقص قوتها من عام لعام إلى أن جففت بعد ذلك بقرار من وزارة التربية والتعليم بولاية الجزيرة. وسبب تناقص قوة المدرسة هو رغبة أولياء أمور التلاميذ إلحاق أبنائهم بمدارس مدني الكبيرة مثل مدني الثانوية ومدني السني.

بعد أن جففت الأهلية (أ) جاءت عدة أفكار بهدف إحياءها كمدرسة ثانوية، إلا أن كل المحاولات باءت بالفشل، ثم سعت بعض الجهات لأخذ المدرسة الأهلية (أ) لاستغلالها كمكاتب، إلا أن الوزارة رفضت، لكنها لم تمانع إذا كان الغرض تربوياً مثل تحويلها إلى مركز تدريب معلمين مثلا.

ولما كان السودان ما زال في مؤخرة الركب بالنسبة للتقنية الإليكترونية في العالم العربي، وكمحاولة من الوزارة للحاق بالركب أنشئت إدارة التعليم الإليكتروني في العام 2002م، وأهم أهدافها:

1- حوسبة العمل الإداري

2- حوسبة العمل الفني

3- تمليك المعلمين والمجتمع قيادة الحاسوب

4- إنتاج الأقراص المدمجة إثراءً للمنهج التعليمي قبل المدرسي ومرحلة الأساس والمرحلة الثانوية

5- توثيق المناشط والعمل التربوي

6- إنتاج حصص التعلم عن بعد والتركيز على مواد الندرة

7- خدمة المجتمع من خلال موقع وزارة التربية والتعليم بالوزارة بالانترنت.



وقد تم اختيار المدرسة الأهلية (أ) كمقر لإدارة التعليم الإليكتروني وإنشاء المركز بها، وذلك منعاً للاستيلاء عليها من قبل أي جهة أخرى غير تربوية، لا سيما أنها كانت مجففة وخالية ومهجورة ومعرضة للدمار أكثر مما وصلت إليه، وكان الطامعون فيها كثر.

ولأن هذا العمل عمل كبير وضخم ولا تستطيع الوزارة بمفردها إكماله فقد ابتكرنا نظام الشراكة في التعليم الإليكتروني، لذا فرضنا مبلغ ألف جنيه على كل تلميذ بمرحلة الأساس والمرحلة الثانوية في كل ولاية الجزيرة، تدفع مرة واحدة في العام الدراسي، وبدأ يصل الإيراد منها في العام الدراسي 2002/2003م وكانت الشرائح المعفية بالمنشور (أبناء العاملين بوزارة التربية، الفقراء، أبناء المعاشيين، وأبناء الشهداء) معفية أيضاً من هذه الألف جنيه، وبدأنا بهذا الإيراد رغم أنه كان ضعيف في البداية بسبب التوسع في الشرائح المذكورة، إلى أن تم دعم المركز بمال التنمية من وزارة التربية والتعليم بولاية الجزيرة، وهنا نسجل صوت شكر لوزيرة التربية والتعليم ليلى أحمد سعيد التي وقفت بجانبنا وكانت تتابع يومياً معنا في الإنشاءات والصيانة.

وبعد أن تسلمنا الموقع فكرنا في إنشاء 4 معامل حاسوب ومكتبتين وقاعة للعرض الإليكتروني وورشة لصيانة أجهزة الحواسيب، وهذا كله يخدم المعلمين (الدارسين) والمجتمع والتلاميذ، وهذه المرحلة قد اكتملت. والمرحلة التالية سنبدأ فيها الآن؛ ومنها المكتبة الإليكترونية، وقد بدأنا الآن مؤشراتها وفيها الاستديو لإنتاج الأقراص المدمجة وحصص التعليم عن بعد.

وقد سار عمل الإنشاءات بالتوازي مع العمل الفني، ولدينا بالمركز نخبة ممتازة من المهندسين، وقد تم الآن ربط كل المحليات السبع (الكاملين، الحصاحيصا، شرق الجزيرة، مدني الكبرى، أم القرى، المناقل، جنوب الجزيرة) بالمركز، وبدأنا ربط بعض المدارس الثانوية بالمركز، وإن شاء الله يتم ربط جميع المدارس الثانوية في الولاية في عام 5/2006 بالمركز، وقد تم توزيع 1307 جهاز حاسوب لكل المدارس الثانوية بالولاية بواقع 3 جهاز لكل ثانوية كحد أدنى- ما عدا المدارس التي لم تكتمل بها معامل الحاسوب.

وجود أجهزة الحاسوب في المدارس تفيد من جانبين: (1) التلميذ يدرس مادة الحاسوب نظري وعملي، (2) ربط المدرسة بمركز التعليم الإليكتروني، وربطها بأولياء الأمور أينما كانوا.

ونحن نسعى في مجمع المدارس ببانت لأن تكون المنطقة متخصصة في تعليم معين يخدم الولاية كلها، منطقة تعليمية بمواصفات معينة، وتخدم بتعليم ذو جودة وفعالية، كما نسعى لحوسبة امتحان شهادة الأساس للعام القادم.

أول دفعة ستبدأ بهذا المركز (مركز التدريب الإليكتروني) يوم السبت 21/8/2004م، وسنؤهل الدارسين بشهادة International Computer Driving License(I.C.D.L) ، وبدبلوم حاسوب، برامج تطبيقية، صيانة، شبكات، وبرامج أخرى كلغات الحاسوب وبرامج محو الأمية الحاسوبية.

وبانتهاء السرد التاريخي لما آلت إليها حال المدرسة الأهلية، فقد طلب مني القائمون على أمر مركز التدريب الإليكتروني إرسال نداء للمغتربين لإرسال أجهزة حواسيب لمدارس مناطقهم لدعم التعليم الإليكتروني في الولاية، وهأنذا أبعث النداء لكل أبناء الجزيرة في المهجر.

كذلك صححوا لي بعض أسماء القائمة المكتوبة في صرح اليوبيل الذهبي، فالاسم الصحيح لسلمان محمد خير هو عثمان محمد خير، والاسم الصحيح لمحمد الخليفة الخيري هو محمد الخليفة الجبرتي، والاسم الصحيح لحسن الخير ساتي هو حسن الخراساني، كما أضافوا اسمي معلمين هما مبارك أزرق والشيخ أبو عصايه، وينبغي أن أضيف للقائمة المدراء الذين شهدنا عصرهم (1967- 1972)، وهم محمد احمد الشيخ، وصلاح عبد الحفيظ، وعوض مصطفى، وهؤلاء يعتبروا في العصر الحديث نسبياً، لهذا السبب ربما لم يظهروا في القائمة.

وقد ذكرني مضيفيّ- وجلهم من خريجي الأهلية أيضاً- بعمال المدرسة، وهم برعي، عبد الله، مكي الرجلة (كباكه)، قسم السيد (عم قسم)، بكر حجازي، بابكر، عثمان، سليمان، ومن الموظفين الإداريين (محاسبين) لطفي شاكر وإبراهيم نصر الدين، وعثمان عبد الحي.

وفي الختام تناقشت معهم على موضوع اسم الأهلية (أ) الذي سيضيع إلى الأبد بعد تحول المبنى إلى مركز التدريب الإليكتروني، فرغم أنه صرح تعليمي وتربوي ويخدم التلاميذ بالمدينة وبالولاية، إلا أن اسم الأهلية لا يمكن أن يختفي من الوجود مهما كانت الأسباب، وقد اقترحت عليهم أن يكتبوا اسم المركز هكذا: (مركز التدريب الإليكتروني بالأهلية "أ")، أو مركز التدريب الإليكتروني – الأهلية "أ" سابقاً) وقد وعدوا خيراً بأن يحافظوا على اسم الأهلية (أ).

وقد عكست هذا الحوار لصديقي وزميلي خريج الأهلية (أ) أيضاً الأستاذ طارق بابكر عبد الحي (والده من المسجلين في القائمة المكتوبة في صرح اليوبيل الذهبي، وأيضاً في لجنة المدرسة الأهلية)، وقد أفادني بأن هناك لجنة كونها الأهالي ومهمتها الحفاظ على اسم الأهلية من الإندثار، وقد توصلوا إلى إنشاء مباني لمدرسة تحمل نفس الإسم- أي إحياء المدرسة في موقع آخر- وقد منحتهم السلطات قطعة أرض في أركويت بود مدني، وكم وددت أن تمنح الأرض هذه لمركز التدريب الإليكتروني أو مجلس التعليم البريطاني، او أي جهة تريد الاستيلاء على مباني المدرسة الأهلية، على أن تستعيد الأهلية مبانيها العريقة العتيقة وتستأنف نشاطها الدراسي وتعود الحياة إليها، ويعود التلاميذ يحملون لقب (خريج المدرسة الأهلية) كما حملها آباؤهم- بل وأجدادهم- قولوا آمين.

وهذه صورة للمدخل الشمالي لفصول المدرسة حيث يظهر على جانبي المدخل مكتب المدير ومكتب الوكيل، وكذلك يظهر المعمل على يسار الصورة.

عمر حسن غلام الله 

 

راسل الكاتب