محاضن الخير
 

بقلم / عمر سعيد النـور

 

الدعوة إلى الله ـ سبحانه وتعالى ـ من أهم الأعمال التي تصلح شأن المجتمعات ـ هذا طبعاً إلى جانب مردودها الأخروي ـ وحلقات تحفيظ القرآن تعتبر أحد روافد الخير بمدينة ودمدني ، وتعتبر من أفضل الأعمال التي تبعث الارتياح في نفس الإنسان ، كيف لا وهي تتعلق بكتاب الله الذي به تطمئن القلوب ، ويُرشد في الآخرة إلى جنة المأوى .
هذه الحلقات والتي تستقطب العشرات ، لم تقدم للناس سوى الخير ، ولم يصدر من شيوخها سوى ما يصلح حالهم ، فقدمت لنا عشرات الحفظة ( رجالاً ونساءً ) ، يحفظون القرآن مُجوداً ، ويعرفون معانيه ، حفظوه بواسطة شيوخ أفاضل متمكنين ، فأجادوا وأتقنوا الحفظ ، وهذا ما نلاحظه في المساجد اليوم ، فعندما يتخلف الإمام تجد أكثر من شخص كلهم حفظة ، وهذا من بركات تلك الحلقات ، فما اسعد من سخَّره المولى الكريم للعناية بالقرآن الكريم ( تعليماً وتحفيظاً وتفسيراً ، وتشجيعاً على الإقبال عليه ) .وبفضل المولى الكريم نجد أن هذه الحلقات تكاد تغطي معظم مساجد المدينة ، والقرى المجاورة للمدينة ، إلى جانب الحلقات الشهيرة ببعض منازل شيوخ ورجال أفاضل .
وإننـا مع تقديرنا لما تقوم به هذه الجمعية ، فإننـا نهيب بهم أن يمتد نشاطها ليشمل أبنائنـا وناشــئتنـا ، وذلك بالاستفادة من المساجد ـ بعد صلاة العصر مثلاً ـ في جمع شمل هؤلاء الأبناء على هدي من كتاب الله ، يحفظونه ويتدارسونه ، ويعرفون الأحكام والعقيدة ، وسيكون المردود طيباً بإذنه تعالى ، ولنا تجربة ثرة بالمملكة العربية السعودية ، حيث كان لمثل هذه الحلقات الأثر الايجابي في رفع مستوى التحصيل لأبنائنا ، وكانت محاضن طيبة لهم ، ففيها يتلقى هؤلاء أفضل العلوم وأجلها ، ألا وهي القرآن وعلومه ، وإننـا لنرجو أن تضطلع الجمعية بهذه المهمة الجليلة ، وأن تنال من النجاح والتوفيق ، وتحقيق الأهداف المرجوءة ، ما نأمله لها ، وما من شك أن أهل ودمدني يتمتعون بالتعاون التام في النهوض بسيدة المدائن ، ولقد تحقق على أيدي رجالها المخلصين الشئ الكثير ، فمساهمات الأهالي تعتبر رافداً قوياً مما يجعلها تقف في مصاف المدن المميزة حضارياً ، فنحن دائما نعطي القدوة الحسنة للآخرين .
أننا نتمنى المزيد من الدعم والتشجيع لهذه الحلقات ، ونتمنى أيضا أن يكون لنشاطها وجه
إعلامي يبين ما يدور فيها ، ويظهر مناشطها أمام الملأ .. ويظهر إنجازاتها ، إن هذه الجماعة الخيرة تفتقد للصوت الإعلامي الصادق من داخلها ، فهي ترتكز على منجزات ضخمة عملاقة .. ورصيد كبير من العطاء .. لكن .. لا صوت لها على الإطلاق ، ولا أحد يتحدث عنها ، نتمنى أن يكون لهـا صوت إعلامي ينطق من داخلها لتكون الصورة عنها أوضح ..
وأما ما أقوله لأخوتي في الجمعية فاستبشروا بالخير ، وثوابكم عند ربكم في دار السعادة والنعيم بإذن الله ، وهنيئاً لكم أن وظفتم جزءاً من وقتكم وجهدكم وبعض ما أفاء الله به عليكم لهذا العمل المبارك الذي سوف تجدوه بحول الله أمامكم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ، .... ورحم الله الشيخ الراحل عبدالعال خوجلي ، حيث كان ســبباً في إنشاء هذه الجمعية .
ورحم الله شيخنا الأستاذ محجوب على عمر ، ورحم الله رواد تلك الحلقات الشيخ عبد الله مدني يحيى ، والشيخ جاد كريم قطبي والشيخ محمد دياب والشيخ الأمين أبوقناية والشيخ عبد الله محمد الأمين ، والشيخ محجوب عووضة ، وفكي يعقوب والمهندس محمد عبد الكريم عساكر ، والأخ إبراهيم حسن ، وأحمـد وصديق محمد حمـد ، وأمد الله في عمر الأحياء منهم ، ومتعهم بالصحة والعافية ، نذكر منهم عمنا عبد الرحيم محمود
ومولانا عبيد حاج علي ، ومولانا الشيخ الطيب أبوقناية ، والشيخ المهندس عثمان محمد خير ، والمهندس عثمان أبو زيد أحمد ، والشيخ هارون ضرار ودكتور عوض الباشا وحمدنا الله أحمد علقم ومحمد أمين ابوعيسى ، ومصطفى حاج أحمد ( ابوكيس ) ، ومحمد سليمان ( ود السماك ) ، ومحمد علي مدثر البوشي وصلاح محجوب علي عمر ومحمد مصطفى ، والسني محمد عبد الله ومصطفى أحمد الفكي ( الساعاتي ) ، ومحمد زكريا ، وبابكر يوسف ، ومحجوب الخضر وصلاح إبراهيم حسن ، والشيخ محمد عبد الله محمد الأمين ، والأخ عبد الرحيم فقيري عبد القادر ، وإبن العم الأستاذ محمد عثمان عووضه ، والأخ مصطفى حمدين والأخ محمود حسن علي كنانه والقائمة تطول ...... .
ولعلي أقترح لاستمرار نشاط الجمعية أن يتبنى الأخ الوالي عبد الرحمن سر الختم إقامة ( وقف خيري ) يُنفق منه بشكل دائم على هذا المنشط الذي يهدف إلى أجمل وأشرف غاية ،ألاَّ وهى تعليم القرآن وتحفيظه .
أما المنشط الثاني المتعلق هو الآخر بالقرآن الكريم فهو المهرجان السنوي للقرآن الكريم ، الذي يرعاه الأخ الوالي ، أتمنى مخلصاً أن يشمل في العام القادم ( إن مد الله في الآجال ) تلاميذ حلقات التحفيظ بالمساجد ـ إن تم إقرار هذا الاقتراح وتنفيذه ـ ، وما أقوله لأخي العزيز الشيخ عبد الله عبدالعال خوجلي ( فإن من َ شابه أباه فما ظلم ) ، وسر في دروب الخير ، ولا أزال أذكر عندما تم تعينه مديراً لمعهد الحاسب الآلي ، قلت له : أرجو ألا تنشغل عن جمعية القرآن الكريم ، فقال لي : " هذه هي الأهم والأغلى " ، وقد وفيت وصدقت ، أسأل الله أن يكتب لك ولأبيك الراحل الغالي ، أجر هذه الأعمال المباركة ، واسأل الله أخيراً أن يجعل القرآن العظيم قائدنا ، وسائقنا جميعاً ـ عندما نغادر هذه الدنيا ـ إلى جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر .





 

عمر سعيد النــور
رئيس جمعية أبناء ودمدني الخيرية
الرياض

 

راسل الكاتب