3  -  3

أبوعركي يتغني بأجمل إبداعات الشعراء 

بقلم : صلاح الباشا... الدوحة

عن حبيبتي ، واحشني ، صاحبة في الزمن الصعب ، اضحكي        وكل البنات أمونه00تعتبر من أجمل محطات أبوعركي

     بعد النجاح الذي حققته أغنية (نوبية) بزخم موسيقاها الفريدة تلك00أتت رائعة الشاعر المتجدد (سعد الدين إبراهيم) الذي ظل يثري الساحة الشعرية في بلادنا بكل الروائع التي يتغني بها العديد من المطربين ، وهو قد احدث تحولاً كبيراً في توظيف شعر الحداثة وإبتكار وإستخدام لغة شعرية غنائية جديدة تحكي عن عدة أشياء ، وتجعل كل متابع ان يضع لها من التفسير ما يواكب هواه ، فهاهو سعدالدين يهدي لأبي عركي (عن حبيبتي حأحكي ليكم ) ، فكانت من أجمل الحكايات في تاريخ الغناء السوداني ، وهي تخاطب أشياء محددة وتدعو لقيم معينة ، وكان أبوعركي قدر المسؤولية حيث ترجم هذا العمل إلي لغة غنائية بموسيقي خفيفة أظهر فيها براعة الموسيقار السوداني في تنفيذ العمل من الناحية (المنهجية البحتة) ، وقد كانت حكاوي سعدالدين التي أظهرها عركي بتلك الروعة تقول:

عن حبيبتي 00أنا حأحكي ليكم

ضُل ضفايرا00ملتقانا

شدُّوا00أوتار الضلوع

أنا بحكي ليكم00عن حنانا

مرة غنت00عن هوانا

فرّحت00كل الحزاني

ومرة لاقت00في المدينة

الحمامات الحزينة

قامت 00أدّتا من حنانا

ولما طارت في الفضاء

رددت 00ألحن رضاء

وكانت أول مرة00في عُمر المدينة

أنو 00نام مكتوم حزينا

تحيا00محبوتي الحنينه

     وهنا يبدأ  أبوعركي بإجراء تعديل مفاجيء في المسار الميلودي لللحن كما يقول خبراء الموسيقي ، ونراه قد إنتقل من لونية ذلك الإيقاع السريع ، إلي إيقاع أكثر بطئاً يشابه إيقاع (التمتم ) ، وذلك لمقابلة النص في المقطع التالي:-

ساوّه ليكم00بإيدينا شاي

وحالبالكم00ضي القمرا

مخبـّيه في جيوب الليل

متي ما تدورو00بترويكم

وما ممكن00تخليكم

تجيب النجمه00تديكم

عشان كان نورا 00ماكفـّي

تجيب ضواً 00يكفـِّيكم

وعن حبيبتي 00بقول لكم

ولسه برضي حاقول لكم

يلا000صفقوا كلكم

نعم000بلاشك لغة شعرية جديدة كما ذكرنا سابقاً ، وقد كان الأستاذ سعد الدين واحداً من فرسان هذه اللغة الجديدة الذين لايشق لهم غبار ، وكان أبوعركي في قمة ألقه وعطائه حينما أخرج ذلك العمل الجميل للجماهير ، فيكون بذلك قد إرتفع بذوق المستمع إلي كل ماهو جميل ورائعوقد يكون الأساتذة الموسيقيون أيضاً وجدوا ألون جديدة من الألحان التي وضعتهم أمام تحدي إنجازها ، فكونا أيضاً قدر التحدي فأنجزوا كل تلك الأعمال بنجاح باهر ينم عن مدي القدرات الهائلة التي يتمتع بها كل الموسيقيين في السودان بمختلف الآلات الموسيقية التي يلعبون عليها في عزفهم وبمختلف أعمارهم ، ومع كل الفنانين والمطربين الذين تمتليء بهم الساحة الفنية في بلادنا المعطاءة لا حدود0

ثم قام أبوعركي في مرحلة لاحقة بتأليف لحن هاديء وقريب الشبه من (إستايل) أغنية أخاف أسأل ، وهي (واحشني) للشاعر المتميز والكثيف الإنتاج الذي كتب الكثير من الكلام الجميل الذي أثري به الساحة الفنية ، وهو الأستاذ (التجاني حاج موسي) ، فقد كانت أغنية واحشني تعبر تعبيراً حقيقياً عن إستخدام شرائنا المبدعين لكلمة واحشني في حراك حياتهم اليومية ، وهي كلمة يتم توظيفها والنطق بها في مواقف معينة حيث ترمز لنوع أكثر خصوصية في العلاقات الإنسانية الحميمية 00000 فهي تقول:

واحشني00

ياالخليت ملامحك في حياتي

يا الرسيت مراسيك جوه ذاتي

إلا باكر0000 لما ترجع

أنا بحكي ليك عن الحصل

عن بعد المسافه00وقربها

لمان يفارق زول عيون00

غاليات عليهو كثير00وبحبها

والله أحكام 00ياقدر

والله أحكام00يامسافه وياسفر

 ***************

واحشني000

بس تاني000لما بتسيبني وتسافر

خُت في بالك00إنو دنياي في مدارك

جَد000 لفافات الصبر أنا00دفنتها

وحتي المقاطع00في غناي طوعتها

وغريبه000غنت فـُرقه لا لا مش فـُرقه

الله00الله00تقصد شنو ؟؟

ماعرفتها

بس ممكن أقول000

تجربه خطيره جد00وإجتزتها

لسه 000واحشني

   وقد أبدع عركي في توصيل مضمونها بذلك اللحن الهاديء في موسيقاه وفي إيقاعه ، وقد ظل عركي وكل زملائه من مطربين وموسيقيين في ساحة الغناء الملتزم يحرقون انفسهم من اجل تعديل نغمة أو ضافة صولة أو لازمه حتي يأتي العمل اكثر إنسجاماً مع نص القصيدة 0

   أما شاعرنا المتفرد الأستاذ خطاب حسن احمد فقد كتب نصاً رائعاً ، وهي قصيدة (صاحبة في الزمن الصعب) ، ويعتبر خطاب من شعراء الأغنية المجددين في الكلام والمعني والمضمامين ، وهو قد اصبح رقماً لا يمكن تجاوزه عند تناول لحركة التجديد وإستخدام اللغة الشعرية الجديدة التي تجبرك ان تجهد نفسك كي تصل إلي ما يرمز إليه الشاعر  ، وهنا يجدر بنا أن نتذكر رائعة خطاب حسن أحمد التي أحدثت دوياً هائلاً( البنت الحديقه) عندما غرّد بها ذلك الرائع الراحل (مصطفي سيد احمد) طيب الله ثراه0 فاللغة كل يوم تشهد تجديداً في ثوبها وتبديلاً في توظيف مفرداتها ، ويمكن أن نقول (إنت وحظك) ، فإما أن تكون مواكباً أو  تتوقف عند محطتك الحالية فتسبقك حركة الشعر الغنائي بلغته الجديدة التي أرسي دعائمها شعراء كثيرين،وقد رحل بعضهم عن دنيانا ولا زالت البقية تواصل حركة إبداعها لتثري حياتنا الفنية وتجعلها أكثر رقة كي نمتص بها كل آلام (الزمن الصعب) الذي يجب ان نصحو فيه جيدا ونستخدم كل أدواتنا الفكرية لأجل أن نتلاءم ونتواءم معه 0000 وتقول مفردات هذه الأغنية الرائعة التي كم كان مطربنا رائعاً في تأليف اللحن الذي يتناسب مع مضمونها:-

لمّا 000لا ترحال يحلك

لا البُعاد00 يقدر يحلك

لا القرب00يقدر يدوم

الكلام بصبح مفرّق

الدنيا تشبه لون بعاد

وأبقي أحوج ما أكون

أنا لي حضورك00بالجد بدورك

فجأة يشع00فيني نورك

والقاك نبتـِّي من تراب السكه

سديتي الأُفق

لِحاك حلمي  الملوّن بهمومي

لما يومِك00بلقي يومي

وفصِل همومِك00من همومي

نضحك من الواقع00سوا

نحن القدرنا علي التعب

حرقتنا 000ألسنة اللهب

ولسه00ماسكين الدّرب

يا صاحبه00في الزمن الصعب

      ومن جانب آخر يأتي لنا الفنان أبوعركي بعمل فني آخر وقد وجدناه قد سكب فيه جهداً موسيقياً مقدراً ، وقد كتب النص الشاعر الشامخ المتألق (هاشم صديق) وقد كانت الأغنية تحمل عنوان ( كل البنات أمونه) ، وهي موضوع جديد ، وفكرة تحكي قصة مشوار وتعكس لمحات من معاناة ظل الشاعر يتحدث عنها من خلال مفردات قصيدته التي أبدع أبوعركي في يوضحها لنا لكي ترسخ في خيالاتنا تماماً ، وقد قام بتركيب إيقاع الدليب عالي التطريب لها ، للدرجة تجبرنا أن نعيش مع مضمونها بيتاً بيتاً ، ومقطعاً مقطعاً ، وهي تقول:-

كل البنات 000أمونه ياخرطوم

معاي ساعة أفتح الدكان00

معاي ساعة الدرب بالليل

معاي في البص00علي أم درمان

وفي الكوبري الكبير000في الليل

أعاين في البحر00مهموم

ألاقي وجيها000شاقي النيل

وفي ساعة التعب والخوف

تشيل خطواتي00وأمشي عديل

 وتستمر الأغنية وتتجه في مسار آخر بعد أن يقطع البص كوبري النيل الأبيض العرق ، لنري من خلاله وعلي مد البصر ذلك المشهد التاريخي الفريد (مقرن النيلين) الأزرق والأبيض في الخرطوم ، حيث ظل هذا الملتقي مصدراً لوحي أشعارالعديد من الشعراء والأدباء والزوار الأجانب 0 وقد كان الرئيس الجزائري الأسبق الراحل( هواري بومدين) عند زيارته للخرطوم في منتصف سبعينيات القرن الماضي لحضور جلسات مؤتمر القمة الأفريقي  كان يصحو من النوم مبكراً ويتسلل إلي خارج (هيلتون الخرطوم) ليتمشي علي رجليه حتي مقرن النيلين ليستنشق هواءً نقياً وليمتع نظره ويشبع مشاعره بهذا المشهد العجيب ، حيث ذكر بأنإلتقاء النيليلن بالخرطوم يعتبر من أكثر المناظر التي أعجب بها ( يرحمه الله)0

   وهنا تقول كلمات الأغنية بعد عبور البص الذي يحمل (ست البنات أمونه) للكوبري  :-

دحين خاتي 00أكان يا يُمه00

صبحت نفسي ساعة الكتمه 00

من ضيق الزمن000والناس

وألقي دمي يفور00

 تمد إيدينا 00تمسح00

 في العصب والراس

أمانه كلاما00كان رفرف

وكت ساعة الدرس00ياخوي

يطير قلمي00

ويزغرد سنـُّو في الكراس

    ثم يأتي ذلك الشاعر الذي كتب سيد الإسم وتايه الخصل وغيرها وغيرها لكي يتحفنا أبوعركي بمفردات قصيدته ( الزيتونه) 000إنه الأستاذ الوزير والإداري الخبيربشؤون الحكم المحلي السوداني( كامل عبدالماجد) حيث أتت قصيدته بلحن خفيف من النوع الذي جعله أبوعركي أكثر ميلاً للإيقاع السريع منه إلي البطيء ، فكانت مفرداتها تقول:-

الشابه000الخضراء وزيتونه

لو شفتو الفرح 00الفي عيونا

والقمر 00البرقص في سنونا

كان سبتو 00كلام ياعزالنا

وإرتحتو00سبتونا في حالنا

وتتكلموا ليه00مالكم ومالنا

وتستمر الأغنية بهذا الوصف الجمالي 0وقد لاحظنا من خلال إستعراضنا لبعض أعمال هذا الفنان الملتزم بأهمية تطوير موسيقي فن الغناء في بلادنا ، أنه يعرف جيداً كيف ينتقي لنفسه النصوص التي تكون مشحونة دائماً بالمحتوي الفرائحي الذي يسعد النفس ، لذلك لم يكن مستغرباً أن يتعاون معه العديد من شعراء الأغنية الحديثة الذين وجدت نصوصهم طريقها إلي الإنتشار نظراً لملاءمتها مع إمكانيات الفنان أبوعركي البخيت الذي يوظف لها الموسيقي التي تجعلها أكثر ألقاً00000 0 0 وختاماً لا يسعنا إلا أن نتمني لهذا الفنان المبدع المزيد من النجاحات بنفس مستوي الجدية والإلتزام الذي يتميز به في ساحة الغناء الحديث في بلادنا0

 

الصفحة 1-3 الصفحة 2-3

 

راسل الكاتب

معلومات عن الكاتب